dimanche 22 juin 2014

محمد أوعبو الولياضي

محمد بن امحمد أوعبو الولياضي
----------------------------------------------------------
يقول عنه العلامة المختار السوسي : يعتبر سيدي الحاج محمد بن امحمد أوعبو الولياضي الهشتوكي من أكابر المتخرجين بالعلامة سيدي سعيد الشريف الكثيري، والعلامة سيدي محمد بن علي اليعقوبي، الذي أخذ عنه الحديث، كما استتم في مراكش الحمراء علومه على يد العلامة التكروري وأقرانه، ثم خلفه سيدي سعيد الشريف الكثيري في مدرسة بيوكرى، فأعاد إليها ما تعرفه من سلفه، وكان أوعبو علامة جيد التحصيل قابلا رادا متفهما مع الفاهمين وفقيها بارعا، وله يد في النحو، وكان مدرسا يعرف كيف يلقي الدروس، ويستعد لها كأساتذته بالحواضر، ومن هناك ألف هذه العادة، فتخرج به كثيرون بينهم أفذاذ متضلعون، لا يزالون زينة جيلهم، وكان من سيره على نظم الدراسة المعهودة من سيدي سعيد الشريف الكثيري لا يخل بوقت، يقبل ويدبر مع رؤساء هشتوكة إبراما ونقضا، ويدرس، وفي جانب الكتب، وفي الجانب الآخر البندقية، ويألف الركوب على الفرس في بعض المهمات، وهو في هذه الأحوال من النجدة والفتوة مثل عبدالعزيز الرسموكي كما ذكره اليوسي، وقد صاحب الشيخ أحمد الهيبة بن ماء العينين الى مراكش الحمراء، ثم حُصر هناك الى أن خرج في خفية فنجا، فألقى أمر الهيبة ظهريا، وجرى في ضده، ففتك به أصحاب القائد الناجم الاخصاصي سنة 1332 هـ موافق 1914م، وقد ولد قبل سنة 1270 هـ بقليل، والمترجم أصله من قبيلة أيت والياض الواقعة بجبال الأطلس الصغير، والتي هي حاليا جزء من جماعة أيت مزال التابعة لدائرة أيت باها
وحياة الشيخ  سيدي الحاج محمد أوعبو الولياضي حافلة بالمصادمات مع القادة الحاحيين ولاة سوس المخزنيين، ومنهم القائد أنفلوس الحاحي نموذجا، بسبب شططهم واستبدادهم بأهل سوس، وهو ما لم يقبله أوعبو، فلنعرض ما قال عنه المختار السوسي في كتابه المعسول في هذا الأمر حيث قال: بعد رجوع الفقيه الحاج محمد أوعبو من جهاده مع الشيخ احمد الهيبة بحوز مراكش، ونهاية صحبته له في سوس، اتجه اهتمامه الى زعزعة نظام القادة الحاحيين المخزنيين الذين ضاق من تصرفاتهم درعا حتى بلغ ضررهم جميع أهالي سوس، وبلغ القائد أنفلوس الحاحي تصرفاته ونواياه، فاعتقله وأوقع به وامتحنه، فاستشفع له طلبته والمشايخ عند القائد ليطلق سراحه نظرا لمكانته العلمية وكثرة تلاميذه بين علماء سوس، وعلى رأس من تشفع له العلامة سيدي المحفوظ الأدوزي، ثم سرحه القائد أنفلوس، وحقن دمه بعدما طلب من العلماء الآخرين أن يفتوه في قتله، لأنه كان معاديا للغزو الحاحي على سوس، ومؤلبا قبائل سوس عليهم، وهم من سلطة المخزن، لكن شططهم واعتداؤهم على الرعية السوسية جعل العلماء، يسخطون على كل من هو حاحي نزيل بسوس، وبعدما سرحه القائد استصفى أمواله العريضة وهدم دياره في قبيلة إداوامحمد، ونهب أثاثه وأمتعته وكتبه وعبيده بشكل يجل عن الحصر، واستولت الأيدي النائية والقاصية على كتبه المنهوبة من طرفاية الى مراكش، فما وقف أحد بعد ذلك ممن اشترى شيئا منها من العلماء والطلبة على خطه في كتبه المنهوبة، وعلم به الا أتى به اليه، حيث لم يبق منها الا ما تحت ايدي من لم يعرف من أمرها أو لم يعلم بها، وقد أخبر الفقيه أوعبو يوما محاوره سنة 1326 هـ أيام رجوعه الى مدرسته بقبيلة إداوامحمد انه بقي له بأحواز مراكش - ولعلها قبيلة مزوضة - كتب قيمة ونفيسة لا صبر له عليها، وانه كتب اليهم بردها آنذاك، ثم ثقف القائد أنفلوس الشيخ محمد أوعبو بعد أن حقن دمه بتيزنيت مخافة من شره وانتقامه، لما له من نفوذ عظيم في الأقطار السوسية، غير أن العلماء ألحوا على القائد في أن يخلي سبيله، لأن أكثرهم من تلامذته، ولما سرحه استبشر الناس به فرحين مسرورين، فذهب الفقيه الى مدرسة أيت يعزى بسهل سوس، للتدريس تاركا مدرسته بقبيلة اداوامحمد حيث وطنه ومسكنه، وأعرض عن قبيلته، لأن شيخ القبيلة صالح بن الحسين وكان مواليا للحاحيين، تمالا مع جماعة منهم عليه مع المخزن، وانتقل معه طلبته من قبيلة اداوامحمد وأصبحت مدرستهم قفرا، بعدما كانت محط العلوم، فلما رأى أهل قبيلة اداوامحمد ما وقع لمدرستهم من تحول العلوم بتحول صاحبها ندموا على فعلتهم وذهبوا اليه وتطارحوا عليه بأنواع الذبائح مع قائدهم معتذرين له، فأبى الرجوع اليهم الا بعد أن انزوى ظلال المخزن وانسحب جيشه الحاحي عن تلك القبائل السوسية، بتدبيره على حاحا، وذلك أنه لما سرح، اشتغل على الانتقام من أهل حاحا سرا بمكاتبة القبائل السوسية الجبلية والسهلية، وجعل يستميلهم ويحمسهم ويذكرهم أن حاحا حادّوا الله ورسوله واتخذوا شريعته وراءهم ظهريا، فوجد منهم أذنا صاغية وقلوبا واعية، فلم يكن غير بعيد حتى ضربهم بأول بلاد سوس وآخره، لكون الناس أيضا سئموا من استيلاء الحاحيين وقهرهم وعنفهم زيادة على ما فعلوا بالناس من استلاب الأعراض والأموال، فأجمع رأيهم عامة على رأي هذا العالم وغيره من العلماء ممن له معه رابطة وهم كثيرون، فتألبوا على أهل حاحا ومن معهم من العساكر المخزنية وضربوهم من كل وجه وقطر، ففي قبيلة ايمجاض قاموا على قائدها الحبيب باقا الذي فر وغرق في بحر مرسى أكلو ومات سنة 1331 هـ بعد الحماية، وكان خليفة الحاحيين هناك، وفي تاكجكالت أحاط المجاطيون بالقائد سعيد المجاطي فهرب ليلا مع عياله بعدما أوقد النار في بيته وأثاته حسدا وبغضا لمجاطة وكراهية لأن يغنموها، وتتبع أهل سوس كل من فيه رائحة حاحا بالقتل والنفي والتخريب الى ان أفنوهم عن آخرهم، ومن جملة من نهبوا منهم الشيخ العلامة المقدم سيدي الحاج الحسين الافراني الذي نهبوا داره بسوق ايفران الأطلس الصغير، وأخذوا منها أموالا طائلة من جملتها 400 كأس من البلور وخزانة كتبه التي يضرب بها المثل بسوس، وقد جمع فيها المخطوطات والمؤلفات السوسية القديمة، وقد قدر عددها في 1600 كتاب مطبوع فقط، دون المكتوب، وقد ذكر المختار السوسي أن هذه الدخائر العلمية أرجعت له بعد استقرار الأوضاع، وممن أوقع بهم ثوار سوس من قواد المخزن القائد بوهيا الاخصاصي، حيث هدموا داره واستصفوا أمواله، ونصبوا بعده القائد المدني الاخصاصي والفقيه سيدي احمد بن الطالب العبدلاوي معا الى أن غلب القائد المدني على الفقيه العبدلاوي فقتله واستصفى امواله سنة 1340 هـ وبقي في قيادته الأخصاصية من سنة 1321 هـ الى أن توفي سنة 1352 هـ، وممن أوقع بهم الثوار بسوس، من أجواد سوس وعقلائها وسمحائها وأمجادها، مثل القائد سعيد بن محمد الباعقيلي وأولاده، وذلك بأن حاصروهم في دارهم مدة شهر، ثم فجروها تحت أساسها لكنهم سلموا وهربوا الى تيزنيت، ومكثوا بها الى أن تولي الشيخ احمد الهيبة أمر تيزنيت سنة 1330 هـ، فرجعوا الى وطنهم بكردوس، وقد بلغوا من الشهرة في الكرم والشجاعة والفروسية ما لم يبلغه غيرهم رؤساء سوس، ومما عرفوا به من كرمهم هو استضافتهم لعدد كبير وهائل من زوار وضيوف موسم الشيخ سيدي احمد بن موسى السنوي، وممن أوقع بهم ثوار سوس في آخر هزيمة القائد النفلوسي، قياد ورؤساء قبائل أكلو وتيزنيت والمعدر وماسة، وقبائل شتوكة وهوارة وكسيمة الى أكادير،
وقد تتبع الفقيه سيدي الحاج محمد أوعبو آثار أصحاب حاحا ومن غرز غرزتهم ممن فيه رائحتهم، فوجد نشاطا في القبائل الثائرة، ولكن من لطف الله أن كثيرا من الرؤساء في شتوكة والشيوخ وضع عليهم يده الحنونة ودفع عنهم أيدي الثوار العادية، فلم يصبهم أي سوء منهم، ومنهم من افتدى بالمال ومنهم من افتدى بدون مال كراهة منه أن يتعرضوا للفتك والتخريب على جميع البيوتات الكبيرة لأن غالبها مع المخزن،
ولما انسحب القائد أنفلوس الحاحي وجيش المخزن عن سوس الأقصى، وصفا جوه للفقيه شيخنا أوعبو وانصاره الثوار، أسس أهل سوس قواعد جديدة حتموا اعتبارها وقوانين ايدوا اعمالها وإقرارها، ورتبوا لأرباب الأموال فيمن تعرض لأحد ذهب لأسواقهم أو مواسمهم أو حصونهم المخزون فيها مؤونتهم وأمتعتهم أو تعرض لفقيه أو عالم أو طالب ولو بسب أو شتم أو تعرض ليهودي في ملاحه أو طريقه أو سرق أو جنى جروحا أو سفك دما، وشددوا في ذلك وعينوا اينفلاس (أعضاء الجماعة القبلية) في كل قبيلة تجتمع في مدرستها عند وقوع تلك النوائب، ويكون الفقيه المدرس في المدرسة هو الحاكم الأكبر المرجوع اليه في الأمور الشرعية، وعلى هذا النمط بنيت أحوال سوس الأقصى كله من أوله الى آخره، فانجبرت بعد ذلك أحوال بلاد سوس، وتنافس الأهالي في تقديم أبنائهم الى المدارس وانتشرت العلوم عوض الحروب، وعمت الأقطار السوسية ما بين عالم متفنن ومتضلع وبين قارئ حمزاوي أو عشري مجود للقراءات متشبع.
ويضيف العلامة المختار السوسي واصفا ما آلت اليه الأمور بعد هذه الفترة فقال : وبقي الحال على ذلك الى حدود سنة 1335 هـ، فولت شمس تلك الاعصار المضيئة تركض في مغرب أفولها الى أن غابت أضواء تلك المطالع بالكلية في ظرف 5 سنين بسبب استيلاء ظلمات الرفاهية وأسبابها وتبدلت بالكلية تلك الأخلاق بانسداد أبوابها، وطمت في بحور الأخلاق الجديدة العصرية الناشئة من تراكم الاحتلال الاوروبي، فانغمس الناس في أوحال المعايش لما اجتمع عليهم من تعاقب السنين المجدية وأنواع الملاذ المألوفة، والتفنن في المآكل والمشارب المستلزمة لترك الأخلاق القديمة والأخذ بالاخلاق الجديدة، من التلون في الأفكار من طور الى طور، ومن أكبر القواطع انحشار الناس عامة الى المدن لتعاطي التجارة، وأسباب التمدن، فتأخرت في قطر سوس أنواع العلوم حتى إذا قبض وهلك عالم فلا يخلفه الا جاهل أو تاجر، ولله الأمر من قبل ومن بعد واليه ترجع الأمور
توفي سيدي محمد أو عبو الولياضي مقتولا على يد أصحاب القائد الناجم الاخصاصي سنة 1332 هـ موافق 1914م، وذلك في عهد السلطان مولاي يوسف العلوي، وهي أيضا السنة الثانية في فترة الحماية الفرنسية على المغرب التي وقعت سنة 1912م في عهد السلطان مولاي عبدالحفيظ العلوي
وتصادف وفاته في هذه السنة وفاة الفقيه الصوفي الدرقاوي الطريقة سيدي عبدالرحمن بن محمد بن عبدالهادي القاسمي السجلماسي الحسني، إمام جامع الحجاج بمدينة فاس، كما توفي في هذه السنة الفقيه المصلح الحاج علي بن احمد زنيبر السلاوي بمدينة سلا
وفي هذه السنة وقعت معركة الهري بتاريخ 13 نونبر  1914م التي خاضها قبائل زايان الأمازيغيين بزعامة القائد موحا اوحمو الزياني ضد الاحتلال الفرنسي الذي حاول إخضاع وتركيع هذا الصنف من مغاربة الجبال كما قال أحد الباحثين الفرنسيين
واقتصاديا: شهدت هذه السنة 1914م افتتاح أول مركز تجاري على النمط الحديث في مدينة الدارالبيضاء، والذي كان يحمل اسم (باريس & المغرب) وبالفرنسية (باري&ماروك) والذي شيد آنذاك في (ساحة فرنسا سابقا) ساحة الأمم المتحدة حاليا بالدارالبيضاء تحت إشراف سلطات الحماية الفرنسية، ثم تغير اسمه التجاري ليصبح (غالوري لافاييط)، وقد تم هدمه بعد الاستقلال في سبعينات القرن 20م، ليصبح مكانه حديقة عمومية
ودوليا شهدت هذه السنة 1914م وقوع حادث اغتيال ولي عهد الأمبراطورية النمساوية الأرشيدوق فرانز فرديناند على يد شاب صربي، والذي كان سببا في اندلاع الحرب العالمية الأولى استمرت الى سنة 1918م، أسفرت عن انهيار ثلاث امبراطوريات أوروبية وخروجها من التاريخ
وفيما يخص ظروف مقتل هذا العالم المقاوم الشهيد سيدي محمد أوعبو، سنترك الباحث الأستاذ أحمد السعيدي يبين لنا هذه الظروف والأسباب وحالة بلاد سوس السياسية التي أدت الى ذلك، فيقول في معرض حديثه عن القائد الناجم الاخصاصي
لعلنا بالنظر في سيرة القائد الناجم الاخصاصي، نقف على ما يُسَوِّغ فعله هذا، فلقد أدى توقيع الحماية إلى ظهور نقاشات بين العلماء بخصوص جواز المقاومة والجهاد أو الميل إلى الرضا بالقدَر، وتعظيم قوة الآخر، واطِّراح أي فعل مضاد تجاهه، وفي هذه المذكرات أثر لكلا الاتجاهين، أحدهما يجسده الشيخ أبو شُعَيْبٍ الدُّكَّالِيّ حيث يقول النَّاجْم: "ألفيتُ الفقيه الشيخ أبا شُعَيْبٍ الدُّكَّالِيّ، فاستدعاني، ثم قال لي: لا عقل لك، فإنك لا تعرف هذا العصر وقوته، فمن ذا الذي يقدر أن يقف أمام الجيوش الزاخرة التي ترسلها فَرَنْسَة؟"، والفقيه أُعَبُّو الذي يقول عنه: "فجاء إلينا الفقيه أُعَبُّو الذي يأبى أن يتوب مما هو فيه، فصار يخاصم أولئك الهَشْتُوكِيِّين الذين وَرَدُوا إليّ، فيقول لهم: ماذا تريدون؟ إننا أتينا لنجاهد في سبيل الله، فقال: أليس عندكم مساجد، ففيها فجاهدوا!" فيما يعتنق علماء آخرون مبدأ الجهاد، ومنهم عليّ بن عبد الله الإِلْغِيُّ (توفي في 1954م )،و الطّاهر بن محمد الإِفْرَانِيُّ  (توفي في 1928م)، اللّذان يُعَدّان بمثابة المُسَوِّغ الشرعي والشعبي لحركة الهيبة، وقد عبّر القائد النَّاجْم عن موقفه بقوله:" هكذا علماؤنا؛ إما استعظام لقوة النصارى، وإما بكاء كبكاء النساء."
================================
*
* * *
*
مشجر نسب سيدي محمد أوعبو الولياضي 
الذي يرفع الى جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه
* * *
قرية أيت والياض في قبيلة إداوامحمد بسهل أشتوكن
* * *
*

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire